
لم يترك الرافعي من الشعر ما ترك من النثر.. لا بل إن الشعر لا يكاد يمثل إلا جزءًا يسيرًا من إنتاجه الأدبي العام.. ويمكن اعتبار ديوانه ذي الثلاثة أجزاء والجزء الأول من ديوان النظرات، الآثارَ الشعرية الوحيدة التي تخضع للدراسة والبحث.. وقد جعل الرافعي ديوانه الشعري في ثلاث أجزاء قدم لكل جزء بمقدمة تحمل مواقفه وآراءه في الصنعة الشعرية قديما وحاضرا.. وهو مالم يقم به معظم شعراء زمانه.. فلم يكتبوا لدواوينهم.. وإنما قام بالكتابة آخرون.. فكل جزء يبدأ بمقدمه ثم تتبعها قصائد هذا الجزء في أبواب مختلفة من الشعر: التهذيب والحكمة.. المديح.. الوصف.. الغزل.. النسيب .. الأغراض والمقاطيع.. التقاريض.. النسائيات.. في مقدمة الجزء الأول: تطرق للشعر وآلته والشعراء ومذاهبهم وطبائعهم ومميزات أشعارهم.. في مقدمة الجزء الثاني: تطرق إلى سرقة الشعر وتوارد الخواطر .. تناول فيها توارد الخواطر والأمثال ومذاهب الأخذ والانتحال.. أو الاقتباس أو التأثّر .. والإخراج الجيّد لمعانٍ أو صور مسبوقة.. في مقدمة الجزء الثالث: تطرق لنوع من نقد الشعر عرض فيها لماهية الشعر ومراتب تكوينه أو أطواره.. ولأغراض الشعر عند العرب وتطور صنعته لديهم. ولأقسامه وأبوابه..ـ
Author

مصطفى صادق الرافعي 1298 هـ - 1356 هـ ولد في بيت جده لأمه في قرية "بهتيم" بمحافظة القليوبية عاش حياته في طنطا وبذلك يكون الرافعي قد عاش سبعة وخمسين عاماً كانت كلها ألواناً متعددة من الكفاح المتواصل في الحياة والأدب والوطنية. اسمه كما هو معروف لنا مصطفى صادق الرافعي وأصله من مدينة طرابلس في لبنان ومازالت اسرة الرافعي موجودة في طرابلس حتى الآن أما الفرع الذي جاء إلى مصر من أسرة الرافعي فأن الذي اسسه هو الشيخ محمد الطاهر الرافعي الذي وفد إلى مصر سنة 1827م ليكون قاضياً للمذهب الحنفي أي مذهب أبي حنيفة النعمان وقد جاء الشيخ بأمر من السلطان العثماني ليتولى قضاء المذهب الحنفي وكانت مصر حتى ذلك الحين ولاية عثمانية. ويقال أن نسب أسرة الرافعي يمتد إلى عمر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقد جاء بعد الشيخ محمد طاهر الرافعي عدد كبير من اخوته وأبناء عمه وبلغ عدد أفراد أسرة الرافعى في مصر حين وفاة مصطفى صادق الرافعي سنة 1937 ما يزيد على ستمائة. وكان العمل الرئيسي لرجال أسرة الرافعى هو القضاء الشرعي حتى وصل الأمر إلى الحد الذي اجتمع فيه من آل الرافعي أربعون قاضياً في مختلف المحاكم الشرعية المصرية في وقت واحد وأوشكت وظائف القضاء والفتوى أن تكون مقصورة على آل الرافعي. وكان والد الرافعي هو الشيخ عبد الرازق الرافعي الذي تولى منصب القضاء الشرعي في كثير من اقاليم مصر وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعى فكانت سورية الأصل كأبيه وكان أبوها الشيخ الطوخي تاجراً تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام وأصله من حلب وكانت اقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية. دخل الرافعي المدرسة الابتدائية ونال شهادتها ثم أصيب بمرض يقال انه التيفود أقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصاباً في أذنيه وظل المرض يزيد عليه عاماً بعد عام حتى وصل إلى الثلاثين من عمره وقد فقد سمعه بصورة نهائية. لم يحصل الرافعي في تعليمه النظامى على أكثر من الشهادة الابتدائية. توفي في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا.